في حياة كل إنسان، يأتي وقت يشعر فيه بالضيق أو الإحباط بسبب كلام الناس وآرائهم. يتردد في أذهاننا دائمًا السؤال: ماذا سيقول الناس؟ هذه المخاوف والتوقعات قد تصبح عبئًا ثقيلًا يعيق تحقيق أهدافنا ويؤثر على استقرارنا النفسي. ولكن الحقيقة التي يجب أن ندركها هي أن رضا الناس غاية لا تُدرك، وأن أهم ما يمكن أن نسعى إليه هو رضا الله وحده.
لا تهتم بأقوالهم.. |
هل يؤثر فيك كلام الناس؟
قد تجد نفسك أحيانًا متأثرًا بكلام الناس، خائفًا من أحكامهم أو ردود أفعالهم. من الطبيعي أن نشعر بهذا، فكلنا نعيش في مجتمعات تربطنا بها علاقات ومشاعر. ولكن، هل يجب أن نبني قراراتنا على توقعاتهم؟ الإجابة ببساطة: لا.
كثيرًا ما نجد من بيننا من يعيش حياته مترددًا، يتحرك وفق ما يتوقعه الآخرون منه. يسأل نفسه: ماذا قالوا عني؟ أو ماذا سيقولون إذا فعلت كذا؟ هذا النوع من التفكير يقود الإنسان إلى حالة من القلق المستمر، حيث يصبح صدى أفعال الناس هو الذي يحدد قراراته وسلوكياته.
رضا الناس أم رضا الله؟
إذا كنت تعيش حياتك محاولًا إرضاء الجميع، فعليك أن تدرك أن هذا الطريق ليس له نهاية. الناس لن يرضوا حتى عن الخالق، كما قيل: "لو أنفقت مثل أحد ذهبًا ما رضوا عنك إلا أن تتبع ملتهم." كيف يمكن أن نتوقع رضا الناس بينما هم لم يرضوا حتى عن الأنبياء؟
نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، قيل عنه شاعر، ومجنون، وساحر. ومع ذلك، هل أثرت هذه الأوصاف على مكانته؟ بل زاده الله رفعًا وشرفًا.
لذا، عليك أن تضع في ذهنك هذه الحقيقة: مهما فعلت، لن تتمكن من إرضاء الجميع. الأهم هو أن تكون راضيًا عن نفسك، وأن تسعى لإرضاء الله الذي بيده كل شيء.
لماذا نهتم بكلام الناس؟
قد يكون اهتمامنا بكلام الناس نابعًا من طبيعتنا البشرية، حيث نبحث عن القبول والتقدير. ولكن، يجب أن ندرك أن السعي وراء رضا الآخرين قد يتحول إلى قيد يمنعنا من التقدم والنجاح.
الأمزجة ليست في يدك:
لا يمكنك التحكم في مشاعر الناس أو تغيير آرائهم. البعض قد يحبك اليوم ويكرهك غدًا، لأسباب قد تكون تافهة أو غير مفهومة. لذلك، لا تجعل مزاجهم المتقلب يؤثر عليك.
الجحود والكذب أمر شائع:
ستجد دائمًا من يجحد معروفك، أو يكذب عليك، أو يسيء فهمك. هذه طبيعة البشر، ولا يجب أن تثنيك عن فعل الخير أو عن التمسك بمبادئك.
كيف تتخلص من تأثير كلام الناس؟
إذا أردت أن تعيش حياة هادئة وسعيدة، عليك أن تتعلم كيف تتجاهل كلام الناس وتخفف من تأثيره عليك. إليك بعض النصائح:
حدد أولوياتك:
اجعل رضا الله هو الهدف الأول في حياتك. عندما تسعى لإرضاء الله، ستشعر بالطمأنينة والسلام الداخلي.
كن واثقًا بنفسك:
ثق بقدراتك وقيمك. لا تسمح لكلام الآخرين أن يهز ثقتك بنفسك.
تقبل النقد البناء:
إذا كان النقد الذي تتلقاه بناءً، فاستفد منه لتحسين نفسك. أما إذا كان غير منطقي أو مغرضًا، فتجاهله تمامًا.
ابتعد عن المقارنات:
لا تقارن نفسك بالآخرين. كل شخص لديه مساره وظروفه الخاصة.
ركز على أهدافك:
عندما تركز على تحقيق أهدافك، ستجد أن كلام الناس يصبح أقل أهمية.
قصص من الواقع: الأنبياء كقدوة
لا يوجد مثال أبلغ من الأنبياء في كيفية التعامل مع كلام الناس. نبي الله نوح عليه السلام دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، ومع ذلك قوبل بالاستهزاء والرفض. لكن هل تخلى عن رسالته؟ بالطبع لا.
نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم تحمل الكثير من الأذى والافتراء، ومع ذلك استمر في دعوته حتى أتم الله النصر لدينه.
ختامًا: رضا الله هو الهدف
الحياة قصيرة، وكلنا راحلون. كما يقول الشاعر:
- "إذا صح منك الود فالكل هين
- وكل الذي فوق التراب تراب."
لا تخف من كلام الناس، وركز على ما يرضي الله. إن رضا الله هو الغاية الحقيقية التي تستحق السعي إليها. إذا رضي الله عنك، فلن يهمك من يرضى ومن لا يرضى. كما قال أحد الصالحين: "من رضي بهذا فليرضى، ومن لم يرضى فليتوضأ ويصلي ركعتين."
راموس المصري Ramos Al-Masry يدعوك دائمًا لتكون قويًا، واثقًا، وساعيًا لرضا الله، لأن هذا هو السبيل لحياة مليئة بالسلام والرضا.