من المعروف أن للشيطان أساليب متعددة للإيقاع بالإنسان في المحرمات، وأحد أقوى الأسلحة التي يستخدمها ضدنا هو حواسنا، وخصوصًا البصر. النظر المحرم هو أحد المخاطر التي قد تجر الإنسان إلى الهاوية، ومن واجب كل مسلم أن يحمي نفسه من الانزلاق في هذا الطريق المظلم. في هذا المقال، سنتناول بتفصيل عميق كيف يمكننا تجنب النظر إلى ما حرم الله، وكيف نستفيد من تعاليم ديننا في المحافظة على نقاء القلب وصفاء الروح، ليكون مرجعًا كاملاً يساعد على تقوية إيمان القارئ وزيادة وعيه بما يضر ويفيد.
الشيطان يغوي عينيك: حصن نفسك من الفواحش |
البصر: النافذة الأولى نحو القلب
يعتبر البصر من أقوى الحواس البشرية وأكثرها تأثيرًا على النفس. بعيوننا نرى العالم من حولنا، ونلتقط جميع تفاصيله، لكن هذه النعمة قد تصبح نقمة إذا استخدمت فيما لا يرضي الله. وكما قال الله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا}، فإننا مسؤولون عن كل ما نراه، وعن كل نظرة نلقيها سواء كان في العالم الحقيقي أو عبر الشاشات.
إحدى الوسائل التي يستخدمها الشيطان هي إغراء الإنسان للنظر إلى الصور أو الفيديوهات التي قد تجره نحو المعاصي. وقد يغري الشيطان البعض للنظر مرتين، متعللًا بأن المرة الأولى قد تكون غير مقصودة، لكن الثانية تقع في إطار الاختيار والنية. يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "اصرف بصرك، الأولى لك والثانية عليك." من هنا نفهم أن أول نظرة قد تكون عابرة وغير متعمدة، لكن النظرة الثانية تأتي كاستجابة للشيطان.
لماذا يلجأ الشيطان إلى إغواء العين؟
في هذا العصر، أصبح الوصول إلى أي محتوى مرئي سهلًا وسريعًا، مما يجعل من الصعب أحيانًا تجنب الانزلاق. الشيطان يستخدم ضعف الإنسان وحاجته للاطلاع على كل جديد لكي يبعده عن الطريق الصحيح. فبمجرد وقوع العين على صورة محرمة، قد تنجرف النفس في مسار خاطئ يقودها إلى التعلق بما لا ينفع، وربما يقود إلى المعاصي.
الحياء من الله أهم من الحياء من البشر
كثيرًا ما يشعر الإنسان بالحياء والخجل من نظرات الآخرين له، لكن للأسف قد يغفل عن استحضار رقابة الله عليه. يقول الحديث النبوي الشريف: "استحيوا من الله حق الحياء." والمقصود هنا أن يكون في قلب المؤمن شعور قوي بأن الله يراه ويراقبه في كل حين، وبالتالي لا يحتاج إلى مراقبة بشرية ليكف عن النظر إلى المحرمات.
حين ينفرد الإنسان بنفسه ويشعر بأنه بعيد عن أعين الناس، قد يميل للالتفات إلى ما حرم الله من صور ومشاهد، مستغلاً غياب الرقيب البشري. إلا أن الله تعالى هو الرقيب الحقيقي الذي لا تغيب عنه شاردة ولا واردة. تذكر دائمًا أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
خطورة النظرة المحرمة على القلب
النظر إلى المحرمات له تأثير عميق على القلب والروح. فقد تؤدي النظرة المحرمة إلى تلوث القلب وإبعاده عن نقائه وصفائه. يقول بعض العلماء إن النظرة مثل الشرارة، قد تكون صغيرة لكنها تحمل في طياتها شرًّا كبيرًا، فمنها تبدأ الفتنة، ومنها يدخل الشيطان إلى القلب، ومن خلالها يضعف الإيمان.
إذا تركت هذه النظرات تتكرر، تصبح عادة، وتتحول إلى نقطة ضعف في قلب المؤمن، تؤدي في نهاية المطاف إلى ضعف العلاقة مع الله، وزيادة الشهوة، وتجر الإنسان إلى المعصية. لذلك، يتوجب على كل مسلم أن يراقب بصره ويحرص على تجنب هذه النظرات التي قد تفسد عليه دينه ودنياه.
التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي: مدخل الشيطان
في العصر الحديث، لا تقتصر الفتنة على ما يراه المرء في الشوارع أو الأماكن العامة، بل يمتد الأمر إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مصدرًا كبيرًا للفتن. فقد انتشرت التطبيقات والمواقع التي تعرض محتوى مرئيًا قد يثير النفس ويجرها إلى المعصية، وكل ذلك بضغطة زر.
لا تدع الشيطان يغويك بالتجول في هذه المواقع دون ضوابط، وابتعد عن التطبيقات التي تشجع على متابعة المحتويات التي تثير الشهوة وتفسد القلب. عندما يروج شخص ما لتحميل تطبيق لرؤية "ما لا تستطيع رؤيته في العالم الحقيقي"، تذكر أن هذا هو صوت الشيطان الذي يجرّك نحو الهلاك. إن من أكبر الجرائم أن يرى الإنسان ما حرم الله ويستمر في تكرار النظر.
أساليب عملية لحفظ البصر والبعد عن المحرمات
في الختام، نجد أن حماية البصر من المحرمات هي واجب ديني وأخلاقي على كل مسلم، فالعين هي بوابة القلب، والنظرة المحرمة قد تكون البداية لانزلاق خطير نحو المعصية. علينا جميعًا أن نتحلى بالحياء من الله، وأن نتذكر دائمًا رقابته علينا في السر والعلن.